وزارة التجارة والصناعة
المعهد القومى للجودة

نحو منظومة اعتماد صحية متميزة تحت اشراف الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية

نحو منظومة اعتماد صحية متميزة تحت اشراف الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية

بقلم.

م. أحمد عبد الراضي

في ظل ما يشهده العالم من مخاطر وأزمات نتعرض لها في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد، وفي اطار خطة الدولة للتنمية المستدامة 2030 وسعي الدولة لتحقيق مخطط الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري والذي كان لازما في ظل الوضع الحالي تواجد نظام صحي شامل متكامل من خلال تطبيق المعايير الدولية والمحلية اللازمة. قامت الدولة - في هذا الاطار - بتبني نظام  للاعتماد والرقابة الصحية من خلال اشراف الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية  GAHARوموقعها الرسمي على الانترنت  https://www.gahar.gov.eg.

تتولى الهيئة إصدار المعايير والاعتماد لجميع مراكز الرعاية والمنشآت الصحية إلى جانب فريق العمل الطبي والذي يسعى من خلال تطبيقه لهذه المعايير رفع جاهزية المنشآت والأفراد واستعدادهم لمواجهة أي أزمة سواء كانت بيئية أو صحية أو غيرها من الأزمات، التي قد تودي بحياة الآلاف، سواء من المرضى أو مقدمي الخدمة أنفسهم، بما يضمن الخروج من تلك الأزمات بأقل قدر ممكن من الأضرار.

تعتبر الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية GAHAR  هيئة مستقلة أُنشئت بموجب القانون رقم (2) لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، و تخضع تحت الاشراف العام لفخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسيالهيئة هي الجهة المنوطة بإصدار المعايير والتي بتطبيقها تضمن تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية بجميع المنشآت  الصحية المختلفة طبقاً لمعايير الجودة و سلامة المريض .تم إعداد هذه المعايير بواسطة خبراء في مجال جودة الرعاية الصحية وروعي أن تكون متواكبة مع آخر مستجدات الجودة والسلامة العالمية لتكون الركيزة الأساسية لتقديم خدمات صحية آمنة للمرضى وذويهم،  فسلامة المريض هي المحور الأساسي والمحرك الدائم لغايات وأهداف الهيئة. لا يقتصر الدور على تقييم المنشآت الصحية بواسطة متخصصين ذوي خبرات دولية معتمدة في مجال الرعاية الصحية فقط، بل يمتد الدور في تقديم المساعدات للمنشآت الصحية لتطوير أدائها وتقليل عوامل الخطورة بها عن طريق استخدام المنهج العلمي في إدارة المخاطر واكتشافها قبل وقوعها والعمل على إتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع وقوعها أو تكرارها.

تقدم الهيئة العامة للإعتماد والرقابة الصحية برنامج تدريبي متكامل للارتقاء بأداء العاملين بالمجال الصحي، ومن ثم الارتقاء بأداء المنظومة الصحية التي ينتمون اليها عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، واستخدام المنهج العلمي في قياس ومتابعة الآداء.

الأهداف الأساسية:

  • حوكمة وتنظيم القطاع الصحي بما يضمن سلامته واستقراره وتنميته وتحسين جودته والعمل على توازن حقوق المتعاملين فيه.
  • كيفية بناء القدرة المؤسسية للهيئات الصحية لتحقيق التميز.
  • معايير وضوابط جودة الرعاية الصحية.
  • كيفية تطوير قدرات التقييم الذاتي والتحسين المستمر للمنشآت الصحية والعاملين بالمجال الصحي.
  • توكيد الثقة في جودة مخرجات الخدمات الصحية بجمهورية مصر العربية على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
  • قواعد الرقابة والتفتيش على المنشآت الصحية وأعضاء المهن الطبية لضمان الالتزام والتطبيق للمعايير العالمية لجودة وسلامة وكفاءة الخدمات الصحية بصفه مستمرة.
  • التحسين المستمر لجودة الخدمات الطبية بجمهورية مصر العربية.

معايير الاعتماد :

بالإشارة إلى القانون رقم ٢ لسنة ٢٠١٨ بإصدار قانون التأمين الصحي الشامل في مصر، وفي إطارعمل الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية والتي تعمل تحت مظلة القانون، تم وضع معايير الجودة للخدمات الصحية واعتماد تطبيقها على منشآت تقديم الرعاية الطبية بواسطة مجموعة متعددة التخصصات من الخبراء ومقدمي الخدمة الصحية من جهات مختلفة تتمثل في الجامعات المصرية، وزارة الصحة، القطاع الصحي الخاص وبعض المنظمات الدولية، كما تمت مراجعة هذه المعايير بواسطة مجموعة من الخبراء داخليا وخارجيا إلى جانب الاختبار الحقلي والدراسة الاستباقية قبل اعتمادها من مجلس إدارة الهيئة.

وتتناول معايير الاعتماد لتقديم الخدمة الصحية من خلال محورين رئيسيين وهما:

  • التمحور حول المريض.
  • التمحور حول المؤسسة.

حيث يتبنى جزء التمحور حول المريض "نموذج بيكر" للتأكيد على استجابة المؤسسة الصحية لاحتياجات المريض وذويه.

على الجانب الآخر، معايير التمحور حول المؤسسة والتي تسلط الضوء على ملاءمة بيئة العمل لتوفير بيئة آمنة وفعالة لكل من العاملين والمرضى وذويهم.

وفي إطار قوة المعايير احتفلت هيئة الاعتماد والرقابة الصحية أخيرا بحصول المعايير المصرية لاعتماد مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات 2021 على الاعتماد الدولي من الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية "الاسكوا"  بنسبة نجاح بلغت 98% . يؤكد الدكتور أشرف إسماعيل رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية أن المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية التي ستقوم بتطبيق هذه المعايير ستتمكن من تقديم خدمات صحية ترقي إلى مثيلاتها العالمية.

يعتبرهذا الإنجاز دافعا كبيرا للاستمرار في الحفاظ علي تلك المكانة الدولية المرموقة في الإصدارات التالية للهيئة فيما يتعلق بالمعايير الخاصة بالصيدليات العامة، ومراكز العلاج الطبيعي، ومراكز الأشعة، والمختبرات الطبية وغيرها من الإصدارات.

كما قام الرئيس التنفيذي للجمعية الدولية للتقييم الخارجي (الإسكوا) IEEA بتوجيه التهنئة للهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية GAHAR نيابة عن أعضاء الجمعية لفريق المراجعين الدوليين القائمين علي عملية المراجعة معربا عن تثمينه للرسالة التي أنشئت الهيئة من أجلها عام 2018 ومؤكدا على أن هناك جوانب عديدة شهدت أداءً استثنائيا جاء على رأسها خطة إعداد وتطوير المعايير وإطار العمل ذاته حيث تم تطويرها بطريقة تيسر الفهم للقائمين علي تطبيقها واستخدامه، كما أشاد المراجعين الدوليين بالجانب الخاص بالمشاركة المجتمعية الذي تضمن وجود معايير تنص علي مشاركة المرضي في صنع القرارات المتعلقة بهم إلى جانب تقديم تفسير واضح لمتطلبات المشاركة المجتمعية في التخطيط للخدمات المقدمة للمرضى.

يأتي هذا في إطار سعي الدولة للارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحقيق العدالة في الحقوق والفرص وذلك من خلال تحقيق الحد المقبول من مستويات الجودة في الرعاية الصحية وسلامة الإنسان في كافة المنشآت التي يتم اعتمادها لتقديم الخدمات الصحية في مصر.

وفي إطار التطبيق تقوم الهيئة بإتاحة عملية التسجيل للمنشآت الصحية حيث يتيح  التسجيل وفقا لهذه المتطلبات والتي تعتبر الخطوة الرئيسية نحو وصول  تلك المستشفيات إلى المرحلة الأكبر وهي الحصول على الاعتماد وفقا لمعايير المستشفيات 2021.

وعن رحلة إصدار المعايير أوضح الدكتور أشرف إسماعيل أن الهيئة واجهت تحديا بأن تواكب المعايير التي تصدرها الهيئة أحدث ما وصل إليه العلم في مجال جودة وسلامة الرعاية الصحية مضيفا أنه في سبيل تحقيق ذلك كان عليها أن تسلك أحد طريقين، أيسرهما أن تستعين ببعض الخبراء الأجانب في وضع جزء أو كل المعايير لكل كتيب من كتيبات المعايير الخاصة بالمستشفيات ومراكز الرعاية الأولية والصيدليات العامة ومراكز العلاج الطبيعي وغيرها والتي كانت ستكبد الدولة أموالاً طائلة في الإعداد والتحديث ناهيك عن أنها ستفتقر إلي التحديد والتخصيص طبقاً لظروف النظام الصحي المصري، أما الطريق الثاني والذي اختارته الهيئة ونجحت فيه هو الاستعانة بفريق عمل مصري خالص يُستثمر فيه الخبراء المصريين لعمل معايير مصممة طبقاً للواقع المصري ومعطيات النظام الصحي الحالي، مع الالتزام بأحدث المعايير والتوصيات الدولية في مجال جودة وسلامة الرعاية الصحية مما يعمل علي إحداث نقلة نوعية لهذا النظام حتي يكون في مقدمة النٌظم الصحية العالمية فيما كان يُمثل تحدياً كبيراً يتمثل في إصدار معايير وطنية تلائم الواقع المصري.

وفيما يتعلق بالأبعاد التي تشملها معايير اعتماد المستشفيات 2021 لتضاهي أعلي المعايير العالمية ولتواكب التطورات المتسارعة في خدمات الرعاية الصحية أشار رئيس الهيئة إلى أنه بالإضافة لمعايير الجودة والسلامة المُتعارف عليها تتضمن هذه المعايير أبعاداً جديدة تُمثل الركائز الأساسية للنُظم الصحية الحديثة، من خلال أقسام كاملة لتستوعب تلك المحاور والتي منها ما أفردته الهيئة عن "الرعاية المتمركزة حول المريض" والذي يحتوي علي ستة أقسام تتكامل مع بعضها جميعاً لضبط جودة مخرجات الرعاية المقدمة للمريض والذي يكون هو المحور الأساسي فيها تماشياً مع الاتجاه العالمي الحالي في هذا الصدد، و قد أفردت الهيئة ضمن هذا الفصل قسماً كاملاً يُركز علي تغيير ثقافة تقديم الخدمة بما يمكننا من الوصول إلى رضاء المنتفع عن الخدمة التي يتلقاها.

وأضاف الدكتور إسماعيل أن المعايير ركزت كذلك علي الحوكمة الإكلينيكية التي تحدد الضوابط الحاكمة والتي تمثل أحد أهم الركائز الحالية في النُظم الصحية لتقديم الرعاية الصحية في الرعايات المركزة والغسيل الكلوي والطوارئ وعناية المبتسرين وغيرها؛ فضلاً عن تلك التي تنص علي الالتزام بمعايير الرعاية الإكلينيكية التي ستصدر قريباً عن الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية؛ شأننا في ذلك شأن مثيلاتها في استراليا و أمريكا والمملكة المتحدة.

وتحت شعار "السلامة أولا" أوضح الدكتور إسلام أبو يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية أن هناك قسماً كاملا بعنوان "متطلبات السلامة الوطنية" يركز على أكثر عوامل الخطر التي قد تؤثر علي المرضى، ومقدمي الخدمة، والزائرين، والمنشأة والبيئة وكيفية تجنبها وتقليلها إلى الحد الأدنى بما يضمن أعلى درجات السلامة والأمان في خدمات الرعاية الصحية إلى جانب احتوائها على قسماً كاملا بعنوان "الإدارة والحوكمة المؤسسية" والذي يستهدف الوصول إلى الاستغلال الأمثل للموارد في إطار من الشفافية والمحاسبة مع غرس ثقافة السلامة والإبلاغ عن الأخطاء جنباً إلي جنب مع الاهتمام بالجوانب المعيشية والمعنوية للأطقم العاملة لما له من كبير الأثر في تحديد جودة مخرجات الخدمات المُقدمة فضلا عن وجود قسماً كاملاً لإدارة وتكنولوجيا المعلومات والتعامل مع المخاطر التي تمُس سرية وخصوصية بيانات المنتفعين والعاملين على حدٍ سواء.

في ظل ما يشهده العالم منذ قرابة العام ونصف العام، من مخاطر وأزمات تجتاح العالم بأسره في ظل جائحة كورونا، كان لزاماً على الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية أن تُضمن في إصدارها لمعايير المستشفيات على ما يُلزم ويوجه القائمين على إدارة المستشفيات، ما من شأنه أن يرفع من جاهزيتها واستعدادها لمواجهة أي أزمة سواءً كانت بيئية أو صحية أو غيرها من الأزمات - والتي قد تودي بحياة المئات بل والآلاف سواء من المرضي أو من مقدمي الخدمة أنفسهم - بما يضمن الخروج من تلك الأزمات بأقل قدر ممكن من الأضرار.