بقلم.
م. محمد هشام خطاب
أصبحت اليوم كلمات مثل الإعتماد، ومنح الشهادات، ... وغيرها من أكثر الكلمات تداولاً وإستخداماً وبشكل غير مسبوق، سواءً على مستوى عالمنا العربي والعالم أجمع، و في مجالات الصناعة والمواصفات ومتطلبات الجودة والمطابقة والإنتاج المتميز والتصدير وإتفاقيات التعاون أو التجارة الدولية. نتناول في هذا المقال بإيجاز الفرق بين معنى الإعتماد ومعنى منح الشهادات .. وكيف يساهمان معاً في الوصول إلى أفضل مستويات الجودة المُستَدَامة والعالمية؟؟؟
أولاً: الإعتماد: لكل إقتصاد قومي في أي دولة لابد أن توجد جهة إعتماد رسمية مُحايدة، ورسمية هُنا تعني أنها جهة مُعتمدة رسمياً من حكومة هذه الدولة، وذات إعتراف دولي تتولى تقييم وإقرار الكفاءة وإعتماد جهات تقييم المطابقة مثل جهات منح الشهادات للمنتجات أو نظم الإدارة المختلفة أوشهادات للأفراد أو جهات التفتيش أو معامل الإختبار أو معامل القياس والمعايرة ... ومثال على ذلك على المستوى المحلي في مصر فإن المجلس الوطني للإعتماد - الإيجاك - هو الجهة المصرية الوحيدة المُختصة بمزاولة أنشطة الإعتماد المشار لها، ويرأس هذا المجلس وزير الصناعة والتجارة ... وعلى المستوى الإقليمي والدولي الأوسع والأشمل توجد مُنظمات لاتقوم بأنشطة الإعتماد بنفسها ولكنها تمثل مُلتقى وإتحاد يجمع في عضويته جهات الإعتماد المحلية بمدة عضوية تستمر 4 سنوات قابلة للتجديد بشروط .. ومن أمثلتها: منظمة التعاون الدولي لإعتماد المعامل (ILAC) و المنتدى الدولي للإعتماد (IAF) و المنظمة الأفريقية (AFRAC) والمنظمة العربية للإعتماد (ARAC) و المنظمة الأوربية للإعتماد (EA). وحالياً تستند منظمات الإعتماد المحلية والإقليمية والدولية في أعمالها بشكل أساسي على تحقيق مُتطلبات إتفاقيات الإعتراف مُتعددة الأطراف، والتنفيذ المُلزِم لمُتطلبات وبنود سلسلة ومجموعة المواصفات القياسية الدولية الشهيرة والمُتخصصة ذات الترقيم (17000) والصادرة بالتعاون بين المنظمة الدولية للتقييس (الآيزو) واللجنة الدولية الكهروتقنية (آي/إي/سي) ISO/IEC 17000 Series.
ثانياً: أما منح الشهادات فهو نشاط وإجراء يتم بمقتضاه أن تقوم جهة منح الشهادات بتأكيد أن مُنتج صناعي ما أو عملية ما من العمليات أو خدمة ما من الخدمات تتوافق مع متطلبات مواصفة أو مواصفات قياسية معينة ومحددة ... وعليه نرى هنا بوضوح أن عملية أو نشاط منح الشهادات هو نشاط تجاري تقوم به شركات تجارية ... وتتولى جهات الإعتماد التأكد من نزاهة وكفاءة الخدمات التي تقوم بها وتقدمها هذه الشركات التجارية المانحة للشهادات، وبناءً على ذلك فإن نشاط الإعتماد هو نشاط مُستقل ومُحايد تماماً ولايقوم على أساس تجاري مثل الجهات المانحة للشهادات.
ثالثاً: فوائد الإعتماد الدولي والتي أجمعت عليها دول العالم اليوم وبلا إستثناء تتلخص في الخمسة فوائد الآتية والتي يستند إليها المجلس الوطني للإعتماد في مصر ضمن جهوده المكثفة في نشر ثقافة الجودة والإعتماد والتوافق مع المواصفات القياسية الدولية لتدعيم وزيادة القدرة الإنتاجية المصرية ورفع مستوى التنافسية والتميز الدولي لجودة المنتجات والخدمات والعمليات في كافة قطاعات العمل والإنتاج وتعزيز الإقتصاد والتنمية المُستدامة لأعلى المستويات الدولية:
1) إعطاء الثقة للمستهلكين ..وذلك عندما تقوم جهات الإعتماد، بإنتظام، بالتأكد من تحقيق المستوى العالي والمطلوب والمُستهدَف لجودة المنتجات والخدمات التي يتم عرضها في الأسواق وبما يلبي إحتياجات وتوقعات ومُتطلبات ورضاء المُستهلكين.
2) يعمل الإعتماد كأداة أساسية وهامة ومرجعية لإدارة المخاطر و لإتخاذ القرارات التي تحمي مصالح الجميع بالأسواق حيث يوفر الإعتماد الوقت والتكاليف المالية لجميع منظمات الأعمال عند إختيار هذه المنظمات للموردين المُعتمدين رسمياً وعلنياً.
3) يوفر الإعتماد الميزة التنافسية الدولية وتيسير النفاذ إلى الأسواق العالمية حيث تتمكن الجهات القائمة بالإنتاج والتصدير للمنتجات أو الخدمات بالحصول على شهادات معتمدة من جهة منح شهادات واحدة معتمدة يجري قبولها في كل مكان مما يوفر الإحتياج إلى إجراء إختبارات إضافية أو مراجعات وتدقيقات داخلية إضافية تؤدي إلى زيادة كل من التكلفة ومدة التوريد (بمعنى مفهوم: واحد/واحد/واحد: والذي يعني مواصفة واحدة/ وإختبارات واحدة/ وشهادة تقييم مطابقة واحدة مُعتَرَف بها في كل مكان).
4) يوفر الإعتماد مصداقية دقة القياسات والإختبارات التي يتم إجرائها طبقاً لأحدث وأفضل الممارسات والنظم والمواصفات القياسية العالمية مما يمنع ويحد من إحتمالات الأخطاء ويوفر في تكاليف الإنتاج ويقلل في الفاقد ويوفر إطار عمل عام مقبول ومعروف وواضح ومحل إحترام للجميع ومُستَدَام للتحديث والإبتكار.
5) يوفر الإعتماد للمعامل والمختبرات مصداقية دقة أعمالها ...وسواء كانت الجهة التي تتعامل مع المعامل والمختبرات جهة صناعية أو توريد أو تصدير أو جهة طالبة لمعايرة أجهزتها فإن للمعمل والمُختبر المُعتَمَد مزايا لاتتوفر في غيره من المعامل غير المُعتَمَدة .. ومنها مزايا: تقليل المخاطر، وزيادة ثقة العملاء، وتحسين فرص قبول المنتجات والخدمات في الخارج بالتصدير، وعدم الإحتياج إلى إعادة الإختبار والتكاليف المترتبة على ذلك نتيجة عدم وفقدان الثقة الكاملة في المعمل المجهول غير الحاصل على الإعتماد.