وزارة التجارة والصناعة
المعهد القومى للجودة

تأثير التكنولوجيا على حياتنا

تأثير التكنولوجيا على حياتنا

بقلم.

أ.د.م/ محمد عتمان

مما لا شكّ فيه أننا نعيش تطوراً هائلاً في مجال التكنولوجيا، وقد أثّرت هذه التكنولوجيا في حياتنا بشكلٍ سلبي أو إيجابي، فالنتيجة أنها أثرت في نمط الحياة التي نعيشها وأصبحنا نعتمد عليها بشكلٍ كبيرٍ، وما زال الإنسان في تطوّرٍ بشكلٍ مستمرٍ فلن تقف التكنولوجيا عند حدٍ معينٍ أو مجالٍ واحدٍ وإنما ما زلنا نسمع يومياً عن اكتشافات واختراعات توصّل إليها العلماء. لقد غزا التّطور التكنولوجي بكافة أشكاله ووسائله مُجتمعات العصرَ الحاليّ كافّة وتسرّب إلى كافّة مناحي الحياة فيها وانتشرت التكنولوجيا في جميع المناطق ومجالات الحياة وأصبح الإنسان يستخدمها في جميع أوقاته، فلم تعد تقتصر على العمل والمجتمعات المتقدمة فقط إنما يمكن لأي شخصٍ مهما كان مستواه الثقافي أو الاجتماعي أو حتى مهما كان عمره استخدام الهاتف الخلوي، مثلاً، والتقاط الصور وإرسالها واستقبالها.  ذكر الكاتب (ألفن توفلر (في كتابه الموجة الثالثة (لقد جلبت لنا الحضارة نمطاً علمياً جديداً، وغيّرت طرق العمل، والحب والمعيشة، وظهر اقتصاد جديد نتج عنه مشاكل سياسية جديدة، وفي خلفية كل ذلك تبدّل وعي الانسان). ويرجِعُ مفهوم التّكنولوجيا إلى ثلاثةِ معانٍ، أولها استثمار المعرفة؛ حيث تُعرّف التّكنولوجيا بأنّها توظيفُ المعارف العمليّة لتحقيق حاجات الإنسان ورغباته وتطوير المجتمع، وثانيا نتاج استثمار المعرفة؛ حيث تُعرّف التّكنولوجيا بأنّها الأنواع والوسائل المختلفة التي تُستخدم لتحقيق اللوازم الضرورية لتيسير حياة الإنسان وراحته وضمان بقائه، والمعنى الثالث هو استخدام نتاج استثمار المعرفة؛ حيث تُعرّف التّكنولوجيا بأنّها جميعُ الطّرق التي تُساعد الأفراد في اكتشافاتهم واختراعاتهم لتحقيق حاجاتهم ورغباتهم. يُعرّف بعضُ العلماء التكنولوجيا بشقيّها المادي والفكري اللذان يتكاملان ويمتزجان بحيث يؤديان لمعنىً مُتكاملٍ لمفهوم التّكنولوجيا؛ حيثُ يشملُ الشقّ الماديّ جميعَ المعدّات والآلات، ويشملُ الجانب الفكريّ القواعد والأسس المعرفية التي تقود للإنتاج.

لقد صاحَبَ استخدام التّكنولوجيا تأثيراتٌ كثيرةٌ على المجتمعات بكافة أفرادها وفئاتها، ولا شكّ أنّ هذه التّأثيرات تنقسمُ ما بين تأثيراتٍ إيجابيةٍ وسلبيّة؛ حيثُ يرجعُ أثرها للكيفية التي يستخدمها الفرد. إننا لانستطيع أن نتجاهل تأثير التكنولوجيا على حياتنا، ولا يمكن أن نظلم التكنولوجيا في بعض التصرفات والتأثيرات السلبية، فكل شخصٍ هو من يحدد طريقة استخدامه لهذه التكنولوجيا بشكلٍ سلبي أو إيجابي، فنفس التكنولوجيا يمكن أن يستخدمها شخصان بطريقةٍ مختلفة، ويكون تأثيرها من جانبين، سلبيا وإيجابيا. فقد استطاعت التكنولوجيا أن تحل كثيراً من المشاكل العالقة في حياتنا، فتطور الأدوات الطبية، مثلاً، أدى إلى سرعة التوصل إلى الأدوية المناسِبة لبعض الأمراض، فقديما كانت الإنفلونزا الموسمية تسبب وفاة عددٍ كبيرٍ من الأشخاص بينما حالياً تعد من أبسط ما يمكن أن يتعرّض له الإنسان ويشفى منه ولا يشعر بأعراضه. كما أنّ تطور وسائل المواصلات جعل من السهولة الانتقال من مكانٍ لآخر من دون تعبٍ أو الانتظار وقتاً طويلاً ، وبعض الرحلات كانت تتطلّب منه مسيرة أشهرٍ بينما الآن أصبح الانتقال من بلدٍ لآخر لا يحتاج لساعاتٍ. واستطاعت وسائل الاتصالات تقريب الناس من خلال المحادثات الصوتية والمرئية معاً، فأصبح بالإمكان الاطمئنان على من يقطن في بلدٍ آخر أو دولةٍ أخرى بعد أن كانت وسيلة التواصل القديمة الرسائل والصور الورقية. أم التأثير السلبي للتكنولوجيا، فكما ذكرنا، يمكن لشخصين استخدام نفس التكنولوجيا بطريقةٍ مختلفةٍ، فمثلاً وسائل التواصل استخدمها البعض واعتمد عليها بدلاً من الالتقاء بالناس وزيارتهم ونتحدث عن زيارة من يسكنون على مسافاتٍ قريبةٍ، كما أن هذه الوسائل أدت على من يستخدمها أن ينعزل عن الناس ويُصاب بالأمراض النفسية. واتضح أن الاعتماد الكلي على الوسائل التكنولوجية المتطورة يؤدي إلى قلة النشاط الإنساني وعدم ممارسة الرياضة، وظهور أمراض الظهر من كثرة الجلوس وعدم التحرّك، والإصابة بالسمنة، والتأثير بشكلٍ سلبي على النوم نتيجة انبعاث الأشعة من الأجهزة الكهربائية في غرف النوم، كما أنّ استخدام الأجهزة الذكية قبل النوم له تأثير سلبي على الدماغ والقدرة على النوم. ومن التأثيرات السلبية، أيضا، زيادة نسب البطالة؛ وذلك بسبب ازدياد استخدام التّكنولوجيا في مجالات الصّناعة والزراعة، ممّا أدّى إلى قلة الاحتياج الى العمالة البشريه في تسيير هذه المجالات. إن إيجابيات التكنولوجيا لاحصر لها. أنها سهّلت التقارب والتواصل بين البشر، وأنها مكّنت الإنسان من إنجاز مشاريعٍ كانت مستحيلة وصعبة ووفّرت الوقت وقللت من الجهد، وزادت الدقّة والسرعة في إنجار الأعمال، وسهلت الحصول على المعلومات عن طريق البحث على الإنترنت، وتحقيق التعليم الذاتي للفرد وإمكانية التعلم عن بعد، وساهمت في زيادة التنوّع الثقافي وتقليل الفجوة الثقافيّة بين الشعوب.