وزارة التجارة والصناعة
المعهد القومى للجودة

أسس ومبادئ وتطبيقات الهندسة الصناعية

أسس ومبادئ وتطبيقات الهندسة الصناعية

بقلم.

مهندس / مصدق أحمد حسن 

الهندسة الصناعية (Industrial engineering) هو فرع الهندسة الذي يهتم بالعلوم التي تخدم فن التصميم الميكانيكي وعمليات الإنتاج والتصنيع المختلفة، وكل ما يخدم ذلك في الأساس كالتخطيط والتصميم والتصنيع والتجميع والإختبار والفحص والتحليل والمعالجة والتطوير للحصول على أفضل قيمة مقابل أقل تكلفة، وهي تمسك هذه الشئون من الجهة الاِقتصادية ومن جهة التنظيم الصناعي. يعطى هذا التخصص الهندسي مسميات عدة مثل هندسة الدقة كما في اليابان وهندسة التصنيع أو الهندسة الصناعية كما في الولايات المتحدة.

تنص أغلب التعريفات الرسمية للهندسة الصناعية على أنها "المجال الهندسي الذي يهتم بإستخدام الرياضيات والعلوم المختلفة لتصميم ودراسة وتحليل وتطوير النظم التي تحتوي على آلات أو معدات ومواد وبشر بما يضمن أفضل أداء لهذه النظم وبأقل تكلفة ممكنة".  

ظهرت مهنة الهندسة الصناعية لسد الفجوة بين المجالات المختلفة مثل الهندسة الميكانيكية، والكهربائية التي تهتم بدراسة الآلات والمعدات، والعلوم الإقتصادية التي تهتم بالإستخدام الأمثل للموارد المادية والبشرية، وعلوم النفس والإجتماع التي تهتم بالجانب الإنساني. لذا ظهر المهندس الصناعي ليغطي الفجوة بين العلوم الهندسية التطبيقية، وبين العلوم الإنسانية الإقتصادية والإجتماعية. فالمهندس الصناعي يتم تدريبه على جميع أساسيات ومهارات الهندسة التقليدية من رياضيات وفيزياء وعلوم مواد وميكانيكا...الخ، وكذلك يدرس مجموعة من مفاهيم ومهارات العلوم الإنسانية مثل الإقتصاد والإدارة وعلم النفس...الخ. ويتم كذلك تزويده بمجموعة من التقنيات والأساليب مثل (بحوث العمليات ، وهندسة العوامل البشرية ، والإحصاء التطبيقي وغيرها) التي تساعده على ربط هذه المجالات ببعضها والتعامل معها كوحدة واحدة متكاملة. ظهرت الهندسة الصناعية لتكملة التخصصات الهندسية التقليدية وتغطية الجوانب المهملة فيها وربطها بالجوانب الاقتصادية والإنسانية. يتم إعداد المهندس الصناعي بطريقة منهجية علمية لرؤية الصورة العامة والكاملة (الكبيرة) للنظام ككل وربط عناصره المختلفة (المواد والمعدات والبشر) بما يضمن أمثل أداء له.

الهندسة الصناعية هي مجال من مجالات الهندسة وطبيعة التخصص تجعل له دور في أي مجال صناعي (يشتمل على بشر ومواد ومعدات) سواء كان إنتاجي أو خدمي، من شركات التصنيع التي تنتج سلع ملموسة مثل الصناعات الغذائية والهندسية المختلفة إلى الشركات والمؤسسات التي تنتج وتقدم الخدمات، مثل المطارات والطيران، والفنادق، والبنوك، والمستشفيات، وغيرها. فهو يعتبر مجال عام لتحقيق أهداف الإدارة من خلال إعداد الخطط، والتنظيم الجيّد، والحفاظ على الجودة وتطبيقها، والتعامل مع العاملين وغيرها.   

هناك العديد من التعريفات للهندسة الصناعية ولكن هناك خطوط رئيسية لها، منها "تطوير طرق للاستفادة المثلى من البشر، والآلات، والأدوات، وغيرها من أجل التوصل لأفضل الطرق إقتصادياً لتقديم خدمة أو تصنيع منتج" و "تهتم الهندسة الصناعية بتحسين وتطوير نظم متكاملة من البشر، والأدوات، والطاقة، ويلزم لها معرفة بعلم الرياضيات، والعلوم الإجتماعية".

نبذة تاريخية عن الهندسة الصناعية:

ظهرت الأعمال المُرتبطة ﺒالهندسة الصناعيّة منذ القِدَم؛ وقد ازداد تطوُّر وتعقيد الأعمال، والمُنظَّمات، والمُؤسَّسات المُرتبِطة بالهندسة الصناعيّة، إذ أصبحت تَصبُّ تركيزها على تحسين الجودة، وزيادة فعاليّة العمليّات الإنتاجيّة، من خلال إدخال الحاسبات، وعمليّات الميكنة على النُّظُم الإنتاجيّة. وقد أدّى ذلك إلى نُموّ الهندسة الصناعيّة نُموّاً ملحوظاً، مع أنّ عمل المهندس الصناعي كان يرتكز على العمليّة الإنتاجية، إلّا أنّ الشركات والمُؤسَّسات وسَّعت دائرة عمله لتشملَ تصميم الأنظمة الإداريّة، ومع إضافة طابع هندسة النُّظُم إلى تخصُّص الهندسة الصناعيّة، أصبح العمل على المستوى العامّ للشركات. يمكن القول بأنّ الهندسة الصناعيّة كانت ترتكز في بداياتها على زيادة كفاءة العمليّات المختلفة، وزيادة الأرباح الناتجة عنها ، ومن ثمّ انتقلَت إلى تطوير الآلات، والمعدّات، وتحسين إستخدام مصادر الطاقة، وإيجاد تطبيقات مختلفة ومُتطوِّرة تساعد في تحسين الإنتاجيّة وزيادتها، كما ظَهَر مفهوم إدارة الجودة الشاملة(TQM) ، حيث أصبحَ جزءاً أساسيّاً من الهندسة الصناعيّة فيما بعد ؛ وذلك لأنّ إدارة الجودة الشاملة تُركِّز في مُجمَلها على تحسين جودة المُنتَجات ، كما تحرص على مراقبة مراحل العمليّة الإنتاجيّة جميعها. يعتبر فريدريك ويتسلو تايلور الأب الروحي للهندسة الصناعية، ورغم ذلك فهناك من سبقه في تأسيس جذور هذا العلم أمثال آدم سميث في كتابه (ثروة الأمم) الذي نشر عام 1776 م. وتوماس مالتوس في بحثه المسمى (مقالة عن السكان) والذي أصدر عام 1798م ، وديفيد ريكاردو في بحثه (مبادئ الإقتصاد السياسى وفرض الضرائب) والذي أصدر عام 1817م، وبحث جون ستيوارت ميل المسمى (أساسيات السياسة الإقتصادية) والذي صدر عام 1848م. كما كان لتشارلز بابيج الجهد الأكبر في إرساء دعائم هذا العلم والذي أخرجه في كتابه (إقتصاد الآلية والمصنعين) عام 1832م، كل هذه الأعمال كان لها الأثر الكبير في نجاح الثورة الصناعية. ويمكننا أن نلاحظ أن مجال الهندسة الصناعية كان يسمى بعلم الاقتصاد في إنجلترا قبل أن يدخل التصنيع أمريكا. وفي أواخر القرن التاسع عشر تم عمل العديد من الأبحاث والدراسات التي أرست قواعد الهندسة الصناعية. وخلال الستينيّات من القرن الماضي وبعدها أيضاً، بدأت الجامعات في تبنّى تقنيّة ”بحوث العمليات" وقامت بإضافتها إلى مناهج الهندسة الصناعيّة. ومن خلال الكمبيوتر والقدرات الضخمة للتخزين ، أصبح المهندس الصناعي يمتلك أداة جديدة للحسابات الضخمة بطريقة سريعة.

تقسم الهندسة الصناعية الي قسمين:

1- الهندسة الصناعية  Industrial Engineering

تهتم الهندسة الصناعية بتصميم وتطوير وتركيب الأنظمة الصناعية العادية والمعقدة ويتعامل المهندس الصناعي مع العمال والآلات والمواد وجمع البيانات ودراستها وتحليلها وتطويرها لذلك مهمة المهندس الصناعي تبدأ منذ إنشاء المصنع مروراً بتخطيط الإنتاج وإنتهاءً بتسويق المنتج والدعم الفني وخدمات ما بعد البيع.

2- هندسة التصنيع  Manufacturing  Engineering

تهتم هندسة التصنيع بتصميم المنتج وتطويره وإختيار أمثل طريقة لتصنيع المنتج وأمثل وسيلة للإنتاج بأعلى المعدلات وأقل التكاليف.

أساسيات ومفاهيم ومراحل تطور الهندسة الصناعية:

تعد الھندسة الصناعية والإداریة مجالاً مھنیاً واسعاً یھتم بدراسة وتحلیل وتصمیم وإدارة النظم والعملیات المتكاملة لتنظیم الموارد الأساسیة فى الإنتاج - البشر، والمواد، والمعدات، والمعلومات - لتحقیق أھداف محددة. وقد أدى التزاید فى تعقید المنظمات الصناعیة والخدمیة الحدیثة وتأكیدھا على الجودة وزیادة الفعالیة والإنتاجیة من خلال عملیات الميكنة ((Automation والحوسبة إلى زیادة الطلب على جیل جدید من خریجى الھندسة الصناعیة. وعلى الرغم من أن ھذا التخصص حدیث نسبیاً تطور على مدى العقود الثلاثة الماضیة، إلا أنه قد أصبح بالفعل واحداً من أكبر المجالات الھندسیة وأسرعھا نمواً. تختلف الشركات فیما تتوقعه من المهام التي یمكن للمھندسین الصناعیین ومھندسي النظم القیام بھا.  ففي حین تتركز معظم مهام المھندسین الصناعيين في مستوى العملیة الإنتاجیة، لاحظت بعض الشركات المھارات الواسعة التي یتمتع بھا ھؤلاء فقامت بتوسیع مهامهم على مستوى تصمیم الأنظمة الإداریة. ولعل ما یمیز الھندسة الصناعیة عن المجالات الأخرى في الھندسة شمولیة تطبیقاتھا في النظم الصناعية التي تنتج سلعاً أو تلك التي تنتج خدمات ونعني بشمولیة تطبیقاتھا شمولیة العمل والمجالات المتاحة للمھندس الصناعي فیھا.

المقال القادم: المراحل المھنیة التى مرت بها مھنة الھندسة الصناعیة - أهميه الهندسة الصناعية - علم الإدارة وعلاقته بالهندسة الصناعية - تطبيقات الهندسة الصناعية.